كان اسم الرجل كما علمت بعد ذلك هو (نوح)[1].. وقد تذكرت بمجرد أن رأيته نوحا u
ذلك النبي الكريم الذي لم يفتر لحظة من دعاء قومه وخطابه لهم بكل صنوف الخطاب.
قلت: لقد
شوقتني إلى حديثه.. فما الذي كان يقول لهم؟
قال: لقد كان
يدعوهم إلى الخروج من الشرانق التي نسجوها لأنفسهم، أو نسجها لهم ضعفهم.. وكان
يطالبهم بتكسير القيود التي قيدهم بها استبداد ملوك أهوائهم أو أهواء ملوكهم..
وكان ينفخ فيهم من الشجاعة ما يدعوهم إلى أخذ قرارات حاسمة بشأن الحياة التي
يعيشونها، والتي كانت لا تختلف عن حياة الجعلان والخنافس.
قلت: فما
الذي أجابوه إليه؟
قال: في
البداية جابهوه بما جابه به قوم نوح نبيهم.. ولكنهم - وبعد إلحاحه الشديد – صاروا كقوم يونس u..
أولئك الذين ذكرهم الله تعالى فقال :﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ
فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ
عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98)﴾
(يونس)
بل ذكر الله
عددهم، فقال :﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ
(147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)﴾ (الصافات)
قلت: فهل
اكتفى بوعدهم له؟
قال: أصحاب
الشدة والبأس لا يكتفون بالوعود.
قلت: فهل أخذ
عليهم المواثيق الشديدة؟.. أو هل كلفهم بأن يقسموا له بالأيمان المغلظة؟
[1]
اخترناه هنا لما ورد في القرآن الكريم من الإشارة إلى شدته، كقوله في الدعاء على
قومه:﴿ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا
(26)﴾ (نوح)