وفي هذه
الآية دليل آخر على أن الشجاعة بنت طيبة للإيمان.. وأن الجبن ابن خسيس للشيطان..
فالشيطان هو الذي يقذف المخافة في القلوب الممتلئة بالجبن..
وفي موضع آخر
يذكر القرآن الكريم السر الذي جعل المؤمنين يقدمون في جميع غزواتهم ولا يحجمون ولا
يتزحزحون مهما كانت قوة العدو، قال تعالى :﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا
إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ
اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم
مُّتَرَبِّصُونَ (52)﴾ (التوبة)
إن هذه الآية
الكريمة تشير إلى أن شجاعة أصحاب النبي الأكرم a تنطلق من موقع الإيمان بالله تعالى، حيث أنّ هؤلاء المؤمنين يرون
أنفسهم في ميدان الحرب على مفترق طريقين، وكليهما يؤدّيان بهما إلى الجنّة ورضا
الله تعالى: طريق يؤدي إلى الشهادة، وبالتالي إلى السعادة العظمى في الحياة
الآخرة، والآخر يقودهم إلى النصر على العدو، وهو أيضاً مبعث الفخر والاعتزاز لهم
في الدنيا والآخرة، في حين أنّ العدو محكوم بالهزيمة والخسران بأيّة حال، فإما
الموت الذليل والمهين في هذه الدنيا، أو عذاب الله في الآخرة.
وبديهي أنّ
الشخص الّذي يعيش هذه الرؤية سوف لن يدع أيّ خوف وضعف يتسرّب إلى قلبه، وبذلك
يتخلّص من هذه الرذيلة الأخلاقية الكبيرة.