الملك الحق، فلم يستغث بجبريل، ولا احتال على السؤال
من الله، بل رأى الحق سبحانه أقرب إليه من جبريل ومن سؤله، فلذلك سلمه من نمروذ
ونكاله، وأنعم عليه بنواله وأفضاله، وخصه بوجود إقباله.
ومن ملة
إبراهيم معاداة كل ما شغل عن الله وصرف الهمة بالود إلى الله لقوله تعالى :﴿
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77)﴾ (الشعراء)
قال ذلك، ثم
أطرق طويلا، فقلنا له منبهين: نحن قوم قذفنا التيه إليك.. فدلنا على مخرج من
المخارج.
قال: مخرجي هو
الشهامة.. ورفع الهمة.. فلا يمكن أن يخرج من تيه نفسه.. ولا من تيه الصحراء.. ولا
من تيه التخلف من قعدت به همته عن السير.
قلنا: فحدثنا
عنها، ودربنا عليها.
قال: حسبكم
من الحديث عنها ما حدث به معلم الإنسانية.. فقد روي عنه فيها آثار جليلة من تأملها
رفع همته إلى أعلى الأعالي، فلم يأسره شيء، ولم يستطع تقييده أحد.
قلنا:
فحدثنا.قال: قال رسول الله a يحثنا على رفع
الهمة: (إنّ اللّه تعالى يحبّ معالي الأمور، وأشرافها، ويكره سفسافها[1][2]
وعن أنس قال:
كان النّبيّ a أحسن النّاس وأجود النّاس وأشجع النّاس، ولقد
فزع أهل المدينة، ذات ليلة فانطلق النّاس قبل الصّوت فاستقبلهم النّبيّ a قد سبق النّاس إلى الصّوت وهو يقول: (لم تراعوا، لم تراعوا)[3] وهو على فرس لأبي
طلحة عري ما عليه