وفي الحديث قال
رسول الله a: (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع
له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه،
وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)[1]
قال أحدهم:
صدقت، فأوائل الدنيا تبدو هينة لينة يظن الخائض فيها أن حلاوة خفضها كحلاوة الخوض
فيها وهيهات! فإن الخوض في الدنيا سهل، والخروج منها مع السلامة شديد.
قال آخر:
صدقت.. وقد كتب الإمام علي إلى سلمان بمثال للدنيا في لين موردها وخشونة مصدرها،
فقال: (مثل الدنيا مثل الحية لين مسها ويقتل سمها، فأعرض عما يعجبك منها لقلة ما
يصحبك منها، وضع عنك همومها بما أيقنت من فراقها، وكن أسر ما تكون فيها أحذر ما
تكون لها، فإن صاحبها كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصه عنه مكروه والسلام)
قال آخر: وقد
ضرب المسيح مثالا على هذا، فقال: (بحق أقول لكم، كما ينظر المريض إلى الطعام فلا
يلتذ به من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة ولا يجد حلاوتها مع ما
يجد من حب الدنيا، وبحق أقول لكم، إن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعب ويتغير خلقها
كذلك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت ونصب العبادة تقسو وتغلظ، وبحق أقول لكم، إن
الزق ما لم ينخرق أو يقحل يوشك أن يكون وعاء للعسل كذلك القلوب ما لم