responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 286

ينته إلى الوطن إلا بعد أن ظهرت عليه الأسقام بتلك الروائح فبلغ سقيماً مدبراً.

ومن رجع قريباً ما فاته إلا سعة المحل فتأدى بضيق المكان مدة، ولكن لما وصل إلى الوطن استراح.

ومن رجع أولاً وجد المكان الأوسع ووصل إلى الوطن سالماً.

فهذا مثال أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة ونسيانهم موردهم ومصدرهم وغفلتهم عن عاقبة أمورهم.

وما أقبح من يزعم أنه بصير عاقل أن تغره أحجار الأرض وهي الذهب والفضة وهشيم النبت وهي زينة الدنيا، وشيء من ذلك لا يصبحه عند الموت، بل يصير كلاً ووبالاً عليه وهو في الحال شاغل له بالحزن والخوف عليه. وهذه حال الخلق كلهم إلا من عصمه الله عز وجل.

قال آخر: وقد ضرب آخر مثلا لتنعم الناس بالدنيا ثم تفجعهم على فراقها، فذكر أن مثل الناس فيما أعطوا من الدنيا مثل رجل هيأ داراً وزينها، وهو يدعو إلى داره على الترتيب قوماً، واحداً بعد واحد، فدخل واحد داره فقدم إليه طبق ذهب عليه بخور ورياحين ليشمه ويتركه لمن يلحقه، لا ليتملكه ويأخذه، فجهل رسمه وظن أنه قد وهب ذلك فتعلق به قلبه لما ظن أنه له، فلما استرجع منه ضجر وتفجع، ومن كان عالماً برسمه انتفع به وشكره ورده بطيب قلب وانشراح صدر، وكذلك من عرف سنة الله في الدنيا علم أنها دار ضيافة سبلت على المجتازين لا على المقيمين ليتزودوا منها وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري، ولا يصرفون إليها كل قلوبهم حتى تعظم مصيبتهم عند فراها.

***

لست أدري كيف ثارت في نزعة الجدل، فرحت أقطع حديثهم بقولي: ولكن ما تقولون.. ألم تسمعوا قوله تعالى وهو يجمع لعباده المؤمنين بين ثواب الدنيا وثواب الآخرة،

نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست