لقد قال :﴿ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ
الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(148)﴾ (آل عمران)
بل إنه يذكر
النماذج الرفيعة من أوليائه وأصفيائه الذين رزقوا من الحظوظ مالم يرزقه أهل الدنيا
أنفسهم، ومنها حظ الجاه الذي وهب للمسيح u،
قال تعالى :﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ
يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)﴾ (آل عمران)
ومنها نموذج
إبراهيم u الذي جمع له بين الحسنتين حسنة الدنيا والآخرة،
قال تعالى: ﴿ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي
الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)﴾ (النحل)
وقد تأملت
القرآن الكريم، فوجدت أن هذه النعم والحظوظ التي من الله بها على أصفيائه ليست
خاصة بهم، بل هي قانون من قوانين الله وسنة من سننه، قال تعالى :﴿ مَنْ
كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)﴾ (النساء)
وكأن هذه
الآية تخطاب القاصرين الذين ينظرون بعين واحدة إلى الأشياء، فيتصورون أن إقبالهم
على الدين يحول بينهم وبين الإقبال على الدنيا، أو أن رغبتهم في الآخرة تحول بينهم
وبين زينة الدنيا، ولهذا يستنكر الله تعالى أن تحرم الطيبات، ويعتبر أنها من منن
الله على جميع البشر بما فيهم المؤمنون، وأنها خالصة لهم في الآخرة، قال تعالى :﴿
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ
مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ(32)﴾ (الأعراف)