أولهما: أهل
الجهل المركّب.. وأهل الجهل والضّلال.. أولئك الذين يحسبون أنّهم على علم وهدى.. أولئك
الّذين يجهلون الحقّ ويعادونه ويعادون أهله، وينصرون الباطل ويوالون أهله..
أولئك:﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)﴾ (الكهف).. أولئك الذين
:﴿.. يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ
الْكَاذِبُونَ (18)﴾ (المجادلة)، فهم لاعتقادهم الشّيء على خلاف ما هو عليه
بمنزلة رائي السّراب الّذي :﴿.. يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا
جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا..(39)﴾ (النور)
وهكذا هؤلاء..
أعمالهم وعلومهم بمنزلة السّراب الّذي يكون صاحبه أحوج ما هو إليه، ولم يقتصر على
مجرّد الخيبة والحرمان كما هو الحال فيمن أمّ السّراب فلم يجده ماء، بل انضاف إلى
ذلك أنّه وجد عنده أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين سبحانه وتعالى، فحسب له ما عنده
من العلم والعمل فوفّاه إيّاه بمثاقيل الذّرّ، وقدم إلى ما عمل من عمل يرجو نفعه،
فجعله هباء منثورا؛ إذ لم يكن خالصا لوجهه، وصارت تلك الشّبهات الباطلة الّتي كان
يظنّها علوما نافعة كذلك هباءا منثورا.
وثانيهما:
أصحاب الظّلمات، وهم المنغمسون في الجهل، قد أحاط بهم من كلّ وجه، فهم بمنزلة
الأنعام، بل هم أضلّ سبيلا، فهؤلاء أعمالهم الّتي عملوها على غير بصيرة، بل بمجرّد
التّقليد واتّباع الآباء من غير نور من اللّه تعالى، كظلمات عديدة وهي ظلمة الجهل،