وظلمة الكفر، وظلمة الظّلم واتّباع الهوى، وظلمة
الشّكّ والرّيب، وظلمة الإعراض عن الحقّ الّذي بعث اللّه تعالى به رسله- صلوات
اللّه وسلامه عليهم-، والنّور الّذي أنزله معهم ليخرجوا به النّاس من الظّلمات إلى
النّور.
فإنّ المعرض
عمّا بعث اللّه تعالى به محمّدا a من الهدى
ودين الحقّ يتقلّب في خمس ظلمات: قوله ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة،
ومصيره إلى الظّلمة، وقلبه مظلم، ووجهه مظلم، وكلامه مظلم، وحاله مظلم؛ وإذا قابلت
بصيرته الخفّاشيّة ما بعث اللّه به محمّدا a من النّور جدّ في الهرب منه، وكاد نوره يخطف بصره، فهرب إلى ظلمات
الآراء الّتي هي به أنسب وأولى كما قيل:
خفافيش أعشاها النّهار بضوئه
ووافقها قطع من اللّيل مظلم
قال آخر: فقد
آل الأمر إلى أن الجهل المركب أو البسيط هو منبع الرذائل ومرتعها.
قال النقشبندي:
أجل.. ولهذا أسسنا هذا القسم لنبحث في أنواع الجهل، وكيفية الخروج منه.. فلا يمكن
أن يعرف نفسه من لم يعرف جهله.
قال الرجل[1]: لقد ذكر بعض الفلاسفة والعلماء أنّ (العلم يساوي الأخلاق)، ونقلوا عن
سقراط الحكيم أنّ العلم والحكمة والمعرفة هي المنبع الرّئيسي للأخلاق.. وأنّ
الرّذائل الأخلاقيّة سببها الجهل.
قال النقشبندي:
هذا الكلام ينبغي فهمه على ضوء ما سبق أن ذكرته لكم من أصناف الناس في علاقة علمهم
بعملهم.. فهناك من يعملون بعلمهم ويعيشونه، وهناك من يعزلونه ويغفلون عنه أو
يتغافلون.
أما دور
العلم في التربية، فلا شك في ضرورته.. فلا يمكن أن يؤسس بنيان الأخلاق