قلت: أجل..
وذلك في مواضع من القرآن الكريم، قال تعالى :﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ
هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)﴾ (فاطر)
قال: فكل
هؤلاء ورثوا الكتاب؟
قلت: أجل.
قال: فهل
ورثوه بدرجة واحدة؟
قلت: لا.. إن
الفروق بينهم كما بين السماء والأرض.
قال: فأنبئني
عن الصلاة.. هل صلاة جميع الناس متشابهة؟
قلت: هي
متشابهة في الشكل.. ولكنها مختلفة في الحقيقة وفي التأثير وفي الأجر الذي ينال
صاحبها، وفي الدرجة التي يترقى إليها.
قال: وهكذا
الإخلاص.. فهو في معناه العام واحد.. ولكنه في حقيقته العميقة مختلف.
قلت: فحدثني
عن معناه العام..
قال[1]: اعلم أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره، فإذا صفا عن شوبه وخلص عنه سمي
خالصاً، ويسمى الفعل المصفى المخلص: إخلاصاً، كما قال تعالى :﴿ مِنْ بَيْنِ
فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)﴾ (النحل)، فخلوص
اللبن أن لا يكون فيه شوب من الدم والفرث ومن كل ما يمكن أن يمتزج به.
[1]
استفدنا المعاني الواردة هنا في حقيقة الإخلاص وغيرها من (كتاب النية والإخلاص
والصدق)، وهو الكتاب السابع من ربع المنجيات من كتاب إحياء علوم الدين بالتصرف
الذي ألفناه في هذه السلسلة.