قال: لست أنا من يفعل ذلك.. فالله رب الإنسان،
والعليم بأسراره هو الذي أخبرنا أنه لا يمكن للإنسان أن يرقى في مراتب الكمال، ولا
أن ينال حظه من السعادة والقرب إلا بالصبر.. ألم تقرأ قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ
كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ﴾
[الأعراف: 137]، وقوله: ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا
أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [المؤمنون: 111]، وقوله: ﴿ولَئِكَ
يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا
(75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ [الفرقان: 75،
76]، وقوله: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا
وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
[القصص: 54]، وقوله: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾
[الإنسان: 12]
قلت: بورك
فيك.. وقد أشار رسول الله a إلى ذلك في أحاديث
كثيرة.. كقوله: (الصّبر نصف الإيمان)[1] وقوله: (لو كان الصّبر رجلا لكان كريما
واللّه يحبّ الصّابرين)[2]
وقد روي أنّ
ناسا من الأنصار سألوا رسول الله a فأعطاهم، ثمّ سألوه فأعطاهم. حتّى إذا نفد
ما عنده قال: (ما يكن عندي من خير فلن أدّخره عنكم. ومن يستعفف يعفّه الله، ومن
يستغن يغنه الله. ومن يصبر يصبّره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصّبر)[3]
قال: وقد روي
عن أمير المؤمنين الإمام علىّ قوله: (بنى الإيمان على أربع دعائم اليقين، والصبر،
والجهاد، والعدل)، وقال: (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا جسد لمن لا
رأس له، ولا إيمان لمن لا صبر له)
قلت: وعيت
هذا.. لكن ما سر كون الصبر بهذه الدرجة من الأهمية.