عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم،
كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن
أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص ذلك من ملكي
شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوني
فأعطيت كل إنسانٍ مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل
البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً
فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)[1]
قلت: شبهة أخرى تعرض لي، كما تعرض لغيري.. ولست أدري الجواب فيها..
أنا أعلم أن كل ما نتعاطاه باختيارنا نعمة من نعم الله.. فكيف نشكر نعمة بنعمة،
وهل يمكن أن يشكر أحد نعمة بنعمة أخرى؟
قال: لقد خطر هذا الخاطر لداود وموسى ـ عليهما السلام ـ فقال كلا
منهما لله: يا رب كيف أشكرك، وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك؟
فأوحى الله تعالى إلى كل منهما: (إذا عرفت هذا فقد شكرتني)
***
ما وصل داود
من حديثه معي إلى هذا الموضع حتى رأيت سلما من نور لم أكن أراه من قبل، فقلت من
غير أن أشعر: ما أجمل هذا السلم.. وما أبهاه.. وما أعظم نوره!
قال: هل
رأيته؟
قلت: أجل..
فما أجمله من سلم!
قال: ما دمت
قد رأيته، فقد فتح لك - إذن - باب هذه الطبقة.. وقد أذن لك في أن ترقى هذا السلم
لتصل إلى الطبقة الأخرى من هذا الجبل المقدس.