هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله
ورسوله أعلم. قال: (أصبح من عبادي مؤمنٌ بي، وكافرٌ، فأما من قال مطرنا بفضل الله
ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك
كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب)[1]
وهكذا شكر سائر الجوارح، فشكرها هو مكافأة النعمة بفعل الجوارح من
خلال خضوعها واستجابتها لأمر الله تعالى ونهيه، كما قال تعالى:﴿ اعْمَلُوا
آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ (سـبأ: 13)
وقد روي أن النبي a كان
يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقيل له: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله
لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: (أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً؟)[2]
قلت: سلمت بهذا، ووعيته.. ولكن شبهة ترد على خاطري.. وربما ترد على
خواطر الكثير، وهي أن في الشكر حظا للمشكور.. وبما أن الله غني عن عباده غنى
مطلقا، فكيف يطلب منا أن نشكره، وكيف يعتبر الشكر مقاما من مقامات الوصول إليه؟
قال: تعالى الله عن الحظوظ.. فالله هو الغني الحميد، وكل ما نفعله
ليس إلا لمصالحنا.. فالله الكريم الجواد الحكيم اللطيف بعباده، اقتضى جوده وحكمته
أن يرتبا لطفه بعباده على أسباب من العبادة والسلوك.. وليس لله من ذلك شيء.
لقد قال رسول الله a في
الحديث القدسي يشير إلى ذلك:(يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم
محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته؛ فاستهدوني أهدكم، يا عبادي
كلكم جائعٌ إلا من أطعمته؛ فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته،
فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً،
فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي
فتنفعوني، يا