قلت: مبتدعون هم.. كيف يحرمون ما أباح الله من
الطيبات.. ألم يقرأوا قوله تعالى :﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ
الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (لأعراف:32)، وقوله
تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ
)(التحريم:1)
قال: بلى..
وقد قرأوا معها قوله تعالى :﴿ وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا
مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ (طـه:131)
ومعها قوله a،
فقال: (الحلال بين والحرام بين،
وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه
ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه،
ألا وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله تعالى في أرضه محارمه، ألا وان في الجسد مضغة
إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)[1]
قلت: صدقت في
هذا.. ولكن كيف يبيح الله شيئا، ثم نحرمه على أنفسنا؟
قال: الصالحون لم يحرموا المباحات.. فلا أحد يجرؤ
على تحريم ما أباح الله.. ولكنهم حرموا على أنفسهم الركون إليها والتثاقل إلى
الأرض بسببها..
قلت: لم؟
قال: لأن من
تثاقل إلى الأرض لطخته أوحالها لا محالة.. لكن من ارتفع إلى السماء، وهو يعيش على
الأرض لم يصبه من أحال الأرض شيء.. فإن أصابه شيء سهل عليه تطهيره بمياه التوبة.