قلت: فما الفرق بين هؤلاء وبين الفتيان؟
قال: الفتيان يحسنون إلى الأجساد برعايتها وحفظها.. والمجاهدون يحسنون إلى الأرواح بدعوتها إلى الله وحفظها من المستبدين الذين يحولون بينها وبينه.
قلت: فما الطبقة التالية؟
قال: طبقة الصديقين.
قلت: فمن الصديقون؟
قال: العارفون.
قلت: ألم نمر عليهم في طبقة العلماء؟
قال: العلماء سائرون.. والعارفون واصلون..
قلت: فما الطبقة التي تليها؟
قال: ليس هناك طبقة تليها.. ألم تسمع قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً﴾ (النساء:69)؟
قلت: بلى.. فما فيها من العلم؟
قال: إلا ترى كيف جعل الله أول مرتبة تلي النبيين هي مرتبة الصديقين؟
قلت: بلى.. فلم كان الأمر كذلك؟
قال: لأن :﴿ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى)(لنجم:42).. وليس هناك غاية بعد غايات العارفين الصديقين.
قلت: لقد شوقتني إلى الصعود.. فهلم بنا نصعد.
قال: إلى أي طبقة؟
قلت: إلى علياها.. فلا يمكنني أن أرضى بأدناها، وأنا أستطيع أن أسير إلى أعلاها.