وفي الحديث، قال رسول الله a : (كفى بك أن لا تزال
مخاصما)[1]
وقال: ( أبغض
الرجال إلى الله الألد الخصم)[2]،
أي كثير الخصومة.
قال الرجل: ولكن
مع ما ذكرت فإنا أحيانا قد نجد أنفسنا مضطرين للخصومة.
قال: لقد ذكر
العلماء أن الذم متوجه لمن خاصم بباطل، أو بغير علم.. ويدخل في الذم كذلك من طلب
حقا، لكنه لا يقتصر على قدر الحاجة منه، بل يظهر اللدد والكذب للإيذاء أو التسليط
على خصمه.. وكذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر الخصم وكسره.. وكذلك من
يخلط الخصومة بكلمات تؤذي، وليس له إليها ضرورة في التوصل له إلى غرضه، فهذا هو
المذموم.
أما المظلوم
الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدد وإسراف وزيادة لجاج على الحاجة من غير قصد
عناد ولا إيذاء ففعله هذا ليس مذموما ولا حراما، لكن الأولى تركه ما وجد إليه
سبيلا ؛ لأن ضبط اللسان في الخصومة على حد الاعتدال متعذر والخصومة توغر الصدور
وتهيج الغضب، فإذا هاج الغضب حصل الحقد بينهما حتى يفرح كل واحد منهما بمساءة
الآخر ويحزن بمسرته ويطلق اللسان في عرضه، فمن خاصم فقد تعرض لهذه الآفات وأقل ما
فيها اشتغال القلب حتى إنه يكون في صلاته وخاطره معلقا بالمحاججة والخصومة، فلا
يبقى حاله على الاستقامة، والخصومة مبدأ الشر.
***
بقيت مدة في
قسم الجدل.. أتعلم من الشاذلي وأصحابه كيف أوجه الجدل إلى الجهة الحسنى، وأتدرب
على ذلك، وقد كانت تداريب في غاية الإرهاق والتعب..
وبعدما
امتحنني الشاذلي ببعض الامتحانات، ورأى أني قد نجحت فيها أجازني في