سرت إلى
القسم الثالث.. وقد كان شيخه الشيخ عبد القادر الجيلاني[1].. وكان أول ما سمعته منه قراءته بصوت
خاشع لقوله تعالى:﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً
وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ
بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ
تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما
كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ
(70)﴾ (الأنعام)، وقوله:﴿ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ
لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ
الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (130)﴾
(الأنعام)، وقوله: ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً
وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ
يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (51)﴾ (الأعراف)،
وقوله:﴿ ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً
وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ
يُسْتَعْتَبُونَ (35)﴾ (الجاثية)
سأله بعض
الحاضرين قائلا: إن هذه الآيات تتحدث عن الغرور.. وتعتبره السبب الأكبر فيما يقع
فيه الإنسان من أنواع الضلال والانحراف.. فما الغرور[2]؟
قال: الغرور هو
سكون النّفس إلى ما يوافق الهوى، ويميل إليه الطّبع عن شبهة، أو خدعة من الشّيطان..
فمن اعتقد أنّه في خير إمّا في العاجل أو في الآجل عن شبهة فاسدة، أو وسواس خادع
فهو مغرور.
[1]
أشير به إلى الشيخ عبد القادر الجيلي أو الجيلاني أو الكيلاني (470 هـ -
561 هـ)، هو أبو محمد عبد القادر بن موسى بن عبد الله، لقبه أتباعه باز الله
الأشهب وتاج العارفين ومحيي الدين وقطب بغداد.. وإليه تنتسب الطريقة القادرية
الصوفية.
[2]
عرفه الجرجانيّ بقوله: (الغرور هو سكون النّفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه
الطّبع) (التعريفات للجرجاني ص 167)، وقال الحراليّ: (الغرور هو إخفاء الخدعة في
صورة النّصيحة) (التوقيف على مهمات التعاريف لابن المناوي ص 252)