قال ابن
الجوزي: أجل.. فالمغرور يشارك الجاهل في أنه يعتقد الشّيء ويراه على خلاف ما هو عليه..
قال الرجل:
فما الأصناف التي يصيبها هذا الداء؟
قال الجيلاني:
أنبئني أولا عن الأصناف التي تصلها وساوس الشيطان.
قال الرجل:
وساوس الشيطان تصل إلى الكل.. فليس هناك من عصم منها إلا من عصمه الله بتقواه
وإخلاصه.
قال الجيلاني:
فالغرور يصيب الكل إذن إلا من عصمه الله بتقواه وإيمانه وإخلاصه.
قال الرجل:
عجبا.. كيف تذكر أنه يصيب الكل.. وقد وصف الله به الكفار.
قال الجيلاني:
كونه صفة للكفار لا يعني عصمة المؤمنين منه.. لقد ذكر رسول الله a
أوصاف المنافقين، فقال: (أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة
منهنّ كانت فيه خصلة من النّفاق حتّى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا
عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) [1] .. فهل ترى هذه
الأوصاف خاصة بالمنافقين.. أم أن من عوام المؤمنين من يقع فيها؟
قال الرجل:
بل من عوامهم من يقع فيها؟
قال الجيلاني:
فهكذا الغرور.. ومع ذلك فقد أخبر الله تعالى أن الشيطان قد يصل بحبال غروره إلى
خواص خواص عباد الله.. قال تعالى مخبرا عن خبر آدم وزوجه مع إبليس في الجنة: ﴿
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ
سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا
أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا
إِنِّي لَكُمَا