ربّي، دعتني دواعي الدنيا؛ فأجبتُها سريعاً، وركنتُ
إليها طائعاً. ودعتني دواعي الآخرة من الزهد والاجتهاد فكَبَوت لها، ولم اُسارع
إليها مسارعتي إلى الحطام الهامد، والهشيم البائد، والسراب الذاهب عن قليل.
ربّ خوّفتَني
وشوّقتَني واحتجبتَ عليّ فما خفتُك حقّ خوفك، وأخاف أن أكون قد تثبّطتُ عن السعي
لك، وتهاونت بشي ء من احتجابك. اللهمّ فاجعل في هذه الدنيا سعيي لك وفي طاعتك،
واملأ قلبي خوفك، وحوّل تثبيطي وتهاوني وتفريطي وكلّ ما أخافه من نفسي فَرَقاً منك،
وصبراً على طاعتك، وعملاً به، يا ذا الجلال والاكرام.
واجعل جُنّتي
من الخطايا حصينة، وحسناتي مضاعفة؛ فإنّك تضاعف لمن تشاء.
اللهمّ اجعل
درجاتي في الجنان رفيعة، وأعوذ بك ربّي من رفيع المطعم والمشرب، وأعوذ بك من شرّ
ما أعلم ومن شرّ ما لا أعلم، وأعوذ بك من الفواحش كلّها؛ ما ظهر منها وما بطن،
وأعوذ بك ربّي أن أشتري الجهلَ بالعلم كما اشترى غيري، أو السَّفهَ بالحلم، أو
الجزعَ بالصبر، أو الضلالةَ بالهدى، أو الكفرَ بالإيمان.. يا ربّ مُنَّ عليّ بذلك؛
فإنّك تتولّى الصالحين، ولا تُضيع أجر المحسنين، والحمد لله ربّ العالمين.