سألت صاحبي عن الداعي والدعاء، فقال: هذا رجل من أهل الله امتلأ قلبه زهدا، وهو يسأله المزيد..
تركنا الرجل مع دموعه وأشعاره، وسرنا، فلم نلبث في سيرنا إلا قليلا حتى رأيت رجلا يخاطب ابنه قائلا[1]: بني..
أراك تحب عرسا ذات غدر
أبت طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط
بها حتى إذا مت انتبهتا
فكم ذا أنت مخدوع وحتى
متى لا ترعوي عنها وحتى
قال له ابنه: أعرف ذلك يا أبت.. وأنا الأنا بين يديك، فعلمني كيف أتخلص من شباك هذه الدنيا الخداعة الغرارة.
نظر الأب إلى ابنه مليا، ثم قال:
أبا بكر دعوتك لو أجبتا
إلى ما فيه حظك إن عقلتا
إلى علم تكون به إماما
مطاعا إن نهيت وإن أمرتا
فرأس العلم تقوى الله حقا
وليس بأن يقال لقد رأستا
وضاقي ثوبك الإحسان لا أن
ترى ثوب الإسادة قد لبستا
إذا ما لم يفدك العلم خيرا
فخير منه أن لو قد جهلتا
وإن ألقاك فهمك في مهاو
فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ستجنى من ثمار العجز جهلا
وتصغر في العيون إذا كبرنا
وتفقد إن جهلت وأنت باق
وتواجد إن علمت وقد فقدن
وتذكر قولتي لك بعد حين
وتغبطها إذا عنها شغلتا
[1] ما نذكره من هذه المقتطفات الشعرية هو من قصيدة حكمية وعظية لأبي إسحاق الإلبيري، وهو من شعراء الأندلس الأفاضل.