قال الجيلاني:
هم على فرق في ذلك.. سأكتفي لكم بتسعة منها.
قالوا: فما
أولها؟
قال: أولهم من
أحكموا العلوم الشرعية والعقلية وتعمقوا فيها واشتغلوا بها وأهملوا تفقد الجوارح
وحفظها عن المعاصى وإلزامها الطاعات، فاغتروا بعلمهم وظنوا أنهم عند الله بمكان..
وأنهم قد بلغوا من العلم مبلغا لا يعذب الله تعالى مثلهم.. بل ظنوا أن الله يقبل
عليهم ويقبل فى الخلق شفاعتهم، ولا يطالبهم بذنوبهم وخطاياهم..
ومثالهم في
غرورهم مثال طبيب طب غيره وهو عليل قادر على طب نفسه ولم يفعل.. وهل ينفع الدواء
بالوصف؟!.. هيهات لا ينفع الدواء إلا من شربه بعد الحمية.. وغفلوا عن قوله تعالى
:﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾
(الشمس)، فلم يقل: من يعلم تزكيتها وأهمل علمها وعلمها الناس..
قالوا: وعينا
هذا .. فما الثانية؟
قال: الثانية
من أحكموا العلم والعمل الظاهر، وتركوا المعاصى الظاهرة، وغفلوا عن قلوبهم، فلم
يمحو منها الصفات المذمومة عند الله كالكبر والرياء والحسد وطلب الرياسة والعلا
وإرادة الثناء على الأقران والشركاء وطلب الشهرة فى البلاد والعباد، وذلك غرور
سببه غفلتهم عن قوله تعالى :﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ
إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ
(120)﴾ (الأنعام)
ومثالهم في
ذلك مثال مريض ظهر به الجرب فأمره الطبيب بالطلاء وشرب الدواء..