والثانى: من حيث العلم وذلك لظنهم أنه لا علم إلا
بذلك وأنه المنجى الموصل.. وإنما المنجى الموصل حب الله.. ولا يتصور حب الله تعالى
إلا بمعرفته..
ومثال هؤلاء
مثال من اقتصر على بيع الزاد فى طريق الحاج.. ولم يعلم أن الفقه هو الفقه عن الله
تعالى ومعرفة صفاته المخوفة والزاجرة ليستشعر القلب الخوف ويلازم التقوى.
ومن هؤلاء من
اقتصر من علم الفقه على الخلافيات ولا يهمه إلا العلم بطريق المجادلة والإلزام..
وإقحام الخصم، ودفع الحق لأجل المباهاة.. وهو طول الليل والنهار فى التفتيش فى
مناقضات أرباب المذاهب، والتفقد لعيوب الأقران.. وهؤلاء لم يقصدوا العلم.. وإنما
قصروا مباهاة الأقران ولو اشتغلوا بتصفية قلوبهم كان خيرا لهم من علم لا ينفع إلا
فى الدنيا.. ونفعه فى الدنيا التكبر.. وذلك ينقلب فى الآخرة نارا تلظى..
قالوا: وعينا
هذا .. فما السادسة؟
قال: السادسة
من اشتغلوا بعلم الكلام والمجادلة والرد على المخالفين وتتبع مناقضاتهم.. واستكثروا
من علم المقولات المختلفة.. واشتغلوا بتعلم الطريق فى مناظرة أولئك وإفحامهم..
وهم على
فرقتين: إحداهما: ضالة مضلة، والأخرى محقة.
أما غرور
الفرقة الضالة فلغفلتها عن ضلالتها وظنها بنفسها النجاة.. وهم فرق كثيرة يكفر
بعضهم بعضا.. وإنما ضلوا من حيث أنهم لم يحكموا شروط الأدلة ومناهجها.. فرأوا
الشبه دليلاً.. والدليل شبهة.
وأما غرور
المحقة، فمن حيث أنهم ظنوا أن الجدال هو أهم الأمور وأفضل القربات فى دين الله
تعالى.. وزعموا أنه لا يتم لأحد دينه ما لم يتفحص ويبحث.. وأن من صدق الله تعالى
من غير بحث وتحرير دليل فليس ذلك بمؤمن وليس بكامل ولا بمقرب عند الله، ولم