قال: طلب
الراحة والعافية.. فالركون إلى الراحة والعافية من الأسباب الكبرى للجبن.. لأن
الشجاعة تتطلب الخوض في دوّامة المشكلات، لكي يتسنّى للإنسان أن يخرج منها منتصراً،
وهذا المعنى لا يتلاءم ولا ينسجم مع مزاج من يطلب الراحة والعافية.
لقد أشار
القرآن الكريم إلى هذا الجذر من جذور الجبن عند ذكره للمواقف المختلفة في غزوة
الأحزاب، قال تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ
يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ
النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن
يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا
ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيرًا
(14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ
وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً (15)﴾ (الأحزاب)
فهذه الآيات
الكريمة تشير إلى أن الحجاب الأكبر الذي حال بين هذه الطائفة وما أريد منها من
النصرة هو تثاقلها إلى متاع الحياة الدنيا، ولهذا عقب الله تعالى على موقفهم ذلك
بقوله: ﴿ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ
أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (16)﴾ (الأحزاب)