قلت:
فالمجاهدة إذن هي الطريق الذي ننال به ثمار الأرض.
قال:
وهي الطريق الذين ننال به ثمار السماء.. ألم تسمع قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69]
قلت:
أجل.. لقد دخلنا إلى الحديث عن السنة الأولى من سنن التغيير من دون أن نشعر.
قال:
أجل.. لقد دخلنا إليها من دون أن تشعر.
قلت:
أأنت كنت تشعر بأننا نتحدث عنها؟
قال:
أجل.. وما أريتك هذه الأصناف من الطعام التي تجود بها هذه الأرض إلا لتعرف أن سبب
فقر أهلها ليس [الله]؛ فالله أكرم الأكرمين، وهو الرزاق ذو القوة المتين.. وإنما
سببه تلك الأيادي العاطلة عن العمل، والتي ترفع يديها إلى السماء تسترزق الله..
ومع أن الله وفر لها كل شيء إلا أنها صارت تتهمه بتقصيره في رزقها.
قلت:
أجل.. وقد ذكرني حديثك هذا بقوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي
الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ﴾ (المزمل:20)، فقد قرن الله تعالى في هذه الآية الكريمة بين الجهاد
والضرب في الأرض.
قال:
بل إنه قدم الضرب في الأرض على الجهاد، فلا يمكن للمجاهد أن يجاهد لولا وجود من
يضرب في الأرض.
قلت:
أجل.. ولهذا كان رسول الله a
يدعو إلى العمل، ويستعمل كل الوسائل في ذلك، وقد روي أن رجلا من الأنصار أتاه، فسأله
فقال له رسول الله a:
أما في بيتك شيء؟ فقال: بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه الماء فقال:
ائتني بهما، فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله a بيده
فقال: من يشتري هذين؟