فقال
رجل: أنا آخذهما بدرهم، فقال رسول الله a: (من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا؟)، فقال رجل: أنا أخذهما
بدرهمين، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال: اشتر بأحدهما طعاما
فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فائتني به، فلما أتاه به شد فيه رسول الله a عودا بيده، ثم قال: (اذهب
فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما)، ففعل وجاء فأصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها
ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله a:
(هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تحل إلا
لثلاث: لذي فقر مدقع، ولذي غرم مفظع، ولذي دم موجع)[1]
قال:
بل إن رسول الله a
كان يعتبر العمل والكسب نوعا من الجهاد في سبيل الله، ومن أقواله في ذلك قوله لبعض
أصحابه: (أبشر، فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد في سبيل الله، والمحتكر في سوقنا
كالملحد في كتاب الله)[2]
ورأى
بعض أصحابه شاباً قوياً يسرع إلى عمله، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله! فرد رسول
الله a عليهم مصححا: (لا تقولوا هذا؛
فإنه إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على
أبوين شيخين كبيرين فهو سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل
الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان)[3]
قلت:
أجل.. وفوق ذلك كله نرى القرآن الكريم يقرن العمل والتكسب بالشعائر التعبدية ليدل
على فضله؛ فقد قرنه بالصلاة، التي هي عمود الدين، فقال: