قلت:
ولكنه امتحنهم بشيء شديد على نفوسهم، وهو شرب الماء.. فما سر ذلك؟
قال:
سر ذلك أن أكبر ما يهدد الثبات تسلل الأهواء، وأكبر ما يدعو إلى تسلل الأهواء
الركون إلى الدنيا.. والدنيا ليست سوى مطعم ومشرب.. فلذلك امتحنهم بالمشرب.
قلت:
أجل.. ولهذا قال الثابتون: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ
أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 250]،
وقد عقب الله عليها بقوله: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[البقرة: 251]
قال:
وهكذا العدو؛ فهو لا يراهن على شيء كما يراهن على الملل، ولذلك كان عدوه الأكبر
ثبات المجاهدين وصبرهم..
قلت:
أجل.. ولهذا وصف الله تعالى المؤمنين الصادقين، فقال: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]
قال:
أجل.. فعلامة الصدق الثبات.. وعلامة الصدق عدم التبديل.
قلت:
ألهذا حذر الله تعالى هذه الأمة من أن تخلف وعدها لرسولها a، وتسقط في مهاوي الملل الذي يجرها إلى التغيير والتبديل؟
قال:
أجل.. فقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]
قلت:
لقد ذكر الله تعاى أن هذه السنة سارية إلى يوم القيامة، فكل من بدل