السفر
أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: (يا رب يا رب) ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه
حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك)[1]
قال:
لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالاتباع الصحيح لأئمة الهدى، وإلا وقع ذلك الورع في
الحرام شعر أو لم يشعر.
قلت:
صدقت.. فقد رأيت نفرا من قومي يتورعون عن أبسط الأمور من الحلال، ويحرمون نفوسهم
منها، خوفا من أن يأكلوا حراما، لكنهم يتساهلون في الدماء، وفي الأعراض، فيكفرون
طوائف الأمة، ويستبيحون دماءها.. وقد اتبعوا في ذلك سلفا كثيرا لهم تصوروا أنهم
أئمة الدين، وأعلام الهدى.
قال:
ولذلك لم يكن الشيطان حريصا على شيء مثل حرصه على التنفير من أئمة الهدى، ليعبد
الناس أئمة الهوى..
قلت:
أجل.. وقد حصل ذلك في بني إسرائيل، كما قال تعالى يخبر عنهم: ﴿اتَّخَذُوا
أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ
مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (التوبة:31)
قال:
وهكذا فعل مع كل الأديان.. بما فيها الإسلام.. كما قال a: (لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا شبرا، وذراعا ذراعا حتّى لو
دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم)[2]
قلت:
ولكن أولئك يتورعون عن أشياء كثيرة.. في المأكل والمشرب والملبس، حتى أنهم يحرمون
أنفسهم من أن يلبسوا كسائر الناس، أو يعيشوا كسائر الناس.. بل إني أرى بعضهم، وفي
البرد الشديد، والثلوج تتساقط، وهو يكشف عن