متاع
لبعض المارة، فآذيته بسقوطي؛ فلم أجد إلا أن أعتذر له، وأقول: اعذرني، فقد مد هذا
الرجل عصاه فجأة؛ فتعثرت.. وإن كنت بحاجة لتعويض الضرر، فسأفعل.
قال:
ويلك.. حتى لو مد عصاه.. ألا ترى كبر سنه؟.. أليس لك عينان تبصر بهما؟.. لم لا
تأخذ حذرك؟
توهمت
أنه مثل الرجل الأول، فرحت أقول له: المقادير تريك ما لا يخطر ببالك.. وإذا نزل
القدر غشّى البصر.. وإذا نزل الحين غطّى العين.. ولا يغني حذر من قدر.. ومن مأمنه
يؤتى الحذر.
وهنا
قامت قيامته، فقد كان من القائلين بالحرية المطلقة، ومسؤولية الإنسان عن كل
أعماله، والنافين لتدخل القدر في حياة الناس، لذلك رفض كل التوسلات التي توسلت بها
إليه، بل رفض ما عرضته عليه من التعويضات، وطلب مني أن نذهب للقضاء، ليحكم بيننا،
لا على المتاع الذي أثر فيه سقوطي فقط، وإنما على مقولتي له..
وقد
كان القاضي من أصحابه، ولذلك ما إن دخلت عليه، وسمع من المدعي علي مقالته حتى راح
يصرخ في وجهي قائلا: ألا تعلم الجريمة التي قمت بها؟
قلت:
لقد طلبت منه أن يطلب المبلغ الذي يريد، لأعوضه إياه.
قال:
هو لم يدع عليك لأجل الدنيا ومتاعها، بل ادعى عليك لأجل تحريفك للدين، وكذبك على
الله، وادعائك أن ما حصل لك لم يكن منك، وإنما كان بقدر الله.
أردت
أن أتحدث لأدافع عن نفسي، لكنه رفض أن يسمع مني، بل راح يقول لي: أنت ترتكب نفس
جريمة إبليس عندما قال: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ
صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16]