قال: هي تلك الأقدار التي يساهم الإنسان في صنعها
من غير أن تفرض عليه.
قلت: فهي تمثل الأسئلة الاختيارية في الامتحان
الإلهي لعباده.
قال: أجل.. وهي أكثر أنواع الأسئلة، ذلك أن الله
تعالى أتاح للإنسان مجالا كبيرا للحرية، ليعبر عن شخصيته بالطريقة التي يريد.. حتى
أنه يمكنه أن يدخل الكثير من التحسينات على ما فرض عليه من أقدار الحياة.. فيتحول
مرضه إلى صحة، وفقره إلى غنى، وبلاؤه إلى عافية.
قلت: كيف تقول ذلك، وقد ورد في الحديث ما يشير إلى
عكس ما ذكرت، فقد روي أن رسول الله a قال:(إن
أحدكم يجمع خلقه في بطن امه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقه مثل ذلك، ثم يكون مضغة
مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا ويؤمر باربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه
واجله وشقي أو سعيد)[1] .. ألا يدل هذا الحديث على أن سعادة
الإنسان وشقاءه مكتوبان عليه، وأنه لا انفكاك له عنها؟
قال: هذا الحديث لا يدل على المقادير الإجبارية، بل
هو يدل على المقادير الاختيارية، وهي المقادير التي تحتمل النسخ، وهي التي يشير
إليها قوله تعالى:﴿ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾
(الرعد: 39)
قلت: كيف ذلك.. وهل يمكن للإنسان أن يغير من عمره،
فيزيد فيه أو ينقص
[1] رواه البخارى (3/1174، رقم 3036) ،
ومسلم (4/2036، رقم 2643)