وبعد
مدة أنتجت تلك الأنعام التي اختبروا بها، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من
البقر، ولهذا واد من غنم.
وعندما
اكتملت لهم النعمة عاد الملك ليختبرهم من جديد، فأتى الأبرص في صورته وهيئته فقال:
رجل مسكين، تقطعت به الحبال في سفره، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي
أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال له: إن
الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا؛ فأعطاك الله،
فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى
الأقرع في صورته وهيئته، فقال له: مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد عليه هذا،
فقال له: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى
الأعمى في صورته، فقال رجل مسكين، وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ
اليوم إلا بالله، ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد
كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته
لله فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك[1].
قال:
أجل.. فهذا الحديث يدل على أسرار تنوع البلاء سواء للشخص الواحد أو للمجتمع ككل،
ولهذا يوجد في كل مجتمع من المجتمعات، بل في حياة كل شخص الاختبارات المختلفة
المتناقضة التي قد يتصورها عشوائية بينما هي تسيير
[1] رواه البخارى (3/1276، رقم 3277) ،
ومسلم (4/2275، رقم 2964)