وجل: إني خلقت عبادي حُنَفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم
عن دينهم)[1]
قلت: وعيت هذا.. ولكني لا أزال متعجبا من أن يكون الله وهو
الرحمن الرحيم اللطيف بعباده، لم ينزل السعادة فقط، وإنما أنزل الشقاء أيضا.
قال: ومن قال ذلك.. الله أرحم بعباده من أن ينزل
عليهم الشقاء.
قلت: ولكن الله خالق كل شيء.. والشقاء والشر من
مخلوقاته.
قال: أرأيت النار التي نطبخ بها طعامنا.. هل هي
رحمة أم نقمة، وهل تسبب لمستعمليها السعادة أم الشقاء؟
قلت: بل هي رحمة.. فلولاها ما هنأ لنا عيش.. فنحن نستدفئ
بحرها، وننعم بلذيذ الطعام المطبوخ بها.. بل إنها ـ وبسبب الطاقة التي تعطيها ـ أساس
الحضارة التي نعيشها.. فلولا النار ما كان شيء مما ينعم به الناس من وسائل
الحضارة.
قال: ولكني سمعت أن بعض قومك راحوا يحرقون أنفسهم
بها، ويحولونها إلى مصدر شقاء.
قلت: أجل..
قال: فهل هي شر بسبب كونهم فعلوا ذلك بها؟
قلت: معاذ الله .. بل هي خير وفضيلة.. لكنهم هم
الملومون لأنهم حولوا النعمة نقمة، والعافية بلاء.
قال: فقد آل أمر الشقاء إلى المستقبلين لا إلى
الله.. فالله لم ينزل على عباده إلا ما ينفعهم.. ولم يحذرهم إلا ما يضرهم.. ولذلك
ذكر لهم قوانين السعادة ليلتزموها، وقوانين الشقاء ليبتعدوا عنها.