قال:
أرأيت لو أن شخصا من الناس يحب بعض الأطعمة، التي لا تضر صحته؛ فيأتي شخص ويرغبه
عنها من غير حجة سوى كون ذلك الطعام مرتبطا بأهل العصور السابقة، ولا علاقة له
بهذا العصر.. هل يمكن أن يقبل أحد هذه الحجة؟
قلت:
لا.. هذا الرجل مفتر .. ولكل شخص الحق في أن يأكل ما يشتهي.. وليس على الآخرين
نهيه، لأن الطباع مختلفة.. وما يشتهيه شخص من الناس قد لا يشتهيه غيره.
قال:
فهكذا الأمر في الأديان .. فالتاريخ البشري يثبت أن الدين ركن أساسي في حياة كل
الشعوب، ولا علاقة لذلك بعصر دون عصر.. لكن التطوريين في هذا العصر راحوا يتصورون
أن الدين مرتبط بعصور سابقة، وأن التطور يقتضي إبعاده عن الحياة بجميع مجالاتها..
وهنا أدخلوا هواهم في هوى غيرهم، ورغبتهم في رغبة غيرهم.
قلت:
ولكنهم يستدلون لذلك بتلك الخرافات التي وقع فيها أهل الأديان.
قال:
أرأيت لو أن شخصا ذهب إلى بستان مملوء بالحشائش الضارة، لكنه بدل أن يطهر البستان
منها راح يقضي على كل شيء فيه، حتى أشجاره المثمرة.. هل تراه مصلحا أم مفسدا؟
قلت:
لا شك في كونه مفسدا.. فلا يصح أن نحكم على النافع بجريمة الضار.
قال:
وهكذا فعل التطوريون .. فهم لم يكتفوا بالرد على ما في الأديان من التحريفات،
وإنما راحوا يقضون عليها، وقد أسلمهم ذلك إلى أوهام كثيرة.
قلت:
فما كان عليهم أن يفعلوا؟
قال:
كان عليهم أن يستعملوا وسائل البحث عن الحقيقة، ويتحروا في جميع