قال:
لا أظن أنني سأخرج من هذه الحال أبدا، فجرائمي كثيرة، وآخرها جريمة قتلي لصديقي
الذي قضى كل عمره ينصحني، لكني كنت مستكبرا عن نصيحته.. وها أنت ترى مصيري.
قلت:
هو الآن جارك.. فهل تراه يزورك؟
قال:
وكيف يكون جاري.. وقد سمعت أنه حشر مع الشهداء.
قلت:
لكن قصره بجانب كوخك.
قال:
أي قصر هذا.. أنا لا أرى أمامي أي قصر.
قلت:
ها هو .. حدق ببصرك جيدا لتراه.
قال:
أنت تقول ذلك، لأنك لا تعرف قوانين هذا العالم.. فهو ليس كعالمنا نشترك فيه في
رؤية الأشياء أو الإحساس بها.. نحن هنا في عالم العدالة المطلقة.. فلا يرى أحد
شيئا أو لا يحس بشيء إلا بحسب ما قدمه من عمل.
قلت:
فهل تركت في أهلك من يرسل لك بعض الهدايا الصالحة التي قد تنقذك من هذه الحال.
قال:
بل تركت فيهم من يرسل لي كل حين أنواع البلاء.. فآثار أعمالي لا تزال في ذلك
العالم تملؤه بالأسى.. لقد علمت أولادي جميعا فنون الاحتيال واللصوصية، وهم الآن
يمارسونها، وأنا أتحمل كل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا.
قلت:
لعلك أعنت من قد يرسل لك بعض الدعوات.
قال:
وما عسى دعواته تفعل لي.. وخصومي لا يعدون.. وآثار أعمالي لا يمكن إحصاؤها.