قلت:
صدقت.. فبعض الجهلة يريد من صديقه أن يكون عبدا من عبيده، يأتمر بأوامره، وينتهي
عند نواهيه، ولا يقبل منه إلا ذلك.
قال:
أجل.. فعلامة اكتمال العقل اكتمال الحلم.. والجهول والمستعجل لم يكتمل عقله، ولذلك
يحكم على الأشياء من غير ترو ولا بصيرة ولا نظر.
قلت:
صدقت.. وقد قال الشاعر يذكر ذلك:
ما تم حلم ولا علم بلا أدب
ولا تجاهل في قوم حليمان
وما التجاهل إلا ثوب ذي دنس
وليس يلبسه إلا سفيهان
قال:
ليس ذلك فقط، بل إن الجهول غير مكتمل الإيمان.. ولو كان مؤمنا حقا، لردعه إيمانه
عن الجهل على خلق الله.. وقد روي عن بعض الصالحين أنه قال لابنه: (إذا غضبت فانظر
إلى السماء فوقك، وإلى الأرض تحتك، ثم عظم خالقهما)
صحبة الطاهرين:
قلت: وعيت هذا؛ فما الميزان الثالث
لاختيار الأصدقاء؟
قال: ذلك الذي الذي أشار إليه قوله
تعالى:﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]
قلت: تقصد أصحاب الثياب الطاهرة النظيفة
الذين لا تشم منهم إلا الروائح الطيبة..
قال: وأقصد معها أصحاب القلوب الطاهرة
النظيفة التي لا تسمع منها غيبة ولا نميمة، ولا تشم منها روائح حقد ولا حسد ولا
ظغينة.
قلت: أتلك التي قال الله تعالى في وصف
أصحابها: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى
سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]
قال: أجل.. فلا يمكنك أن تثق في صديق
يزين ظاهره، ويخرب باطنه.. لأن باطنه سيسيطر على ظاهره، ليعديك أو يؤذيك.. ولذلك
سبق الآية التي ذكرتها قوله