نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 228
وهذا طبعا سيدعو كل ممارس لهذه الشعيرة للبحث عن سر
ذلك السعي وعدده، وسيجاب طبعا بتلك الحادثة التي وقعت في التاريخ، والتي سيدعوه
البحث المفصل فيها على التعرف على الجهود العظيمة التي قام بها إبراهيم وإسماعيل
وهاجر عليهم السلام في الدعوة إلى الله، والتضحيات التي بذلوها في سبيل ذلك.
ولو أن السلفية اكتفوا بما ورد في حق هذه الشعيرة
وسببها، لخففوا من غلوهم، ولما تجرؤوا على التعامل مع المزارات الدينية بتلك
المعاملات الناشئة عن الجهل المركب بحقيقة التوحيد والفرق بينه وبين الشرك، وإلا
فإننا لو طبقنا مقاييسهم كان السعي بين الصفا والمروة نفسه شركا، خاصة وأن كليهما
حجارة من نفس الحجارة التي كانت تنتحت بها الأصنام في مكة المكرمة.
وقد صرح الشيخ ابن عثيمين، وهو من أعلام السلفية
المعاصرين، الذين أفتوا وبرروا لكل تلك الجرائم التي لحقت المزارات الدينية في
الحرمين الشريفين وغيرهما، بأن السعي بين الصفا والمروة مرتبط بتلك الحادثة
التاريخية؛ فقال: (أصل السعي أن يتذكر الإنسان حال أم إسماعيل، فإنها لما خلَّفها
إبراهيم عليه الصلاة والسلام هي وابنها في هذا المكان، وجعل عندها سقاءً من ماء،
وجراباً من تمر، فجعلت الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء، وتسقي اللبن لولدها،
فنفدَ الماء ونفد التمر، فجاعت وعطشت، ويبس ثديها، جاع الصبي، وجعل يتلوى من
الجوع، فأدركتها الشفقة، فرأت أقرب جبل إليها الصفا فذهبت إلى الصفا، وجعلت تتحسس
لعلها تسمع أحداً، ولكنها لم تسمع، فنزلت إلى الاتجاه الثاني إلى جبل المروة، ولما
هبطت في بطن الوادي نزلت عن مشاهدة ابنها، فجعلت تسعى سعياً شديداً، حتى تصعد
لتتمكن من مشاهدة ابنها، ورقيت لتسمع وتتحسس على المروة، ولم تسمع شيئاً، حتى أتمت
هذا سبع مرات ثم أحست بصوت، ولكن لا تدري ما هو، فإذا جبريل نزل بأمر الله عزّ
وجل،
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 228