ولو طبقنا هذا التصريح من الشيخ ابن عثيمين على كل ما
يقوم به الصوفية والشيعة وغيرهم في حق الأولياء والصالحين، لم نر أي فرق في ذلك؛
فكيف يحكم بالشرك على سلوكات يعتبرها فرضا وواجبا وركنا دينيا في محل آخر؟ وهل
أمرنا الله تعالى عند سعينا بين الصفا والمروة بالشرك؟
ومثل ذلك نجد ما ورد في أحكام شعائر الحج من رمى
الجمار، والمرتبط أيضا ـ حسبما تدل عليه روايات الفريقين السنة والشيعة ـ على ما
فعله إبراهيم عليه السلام، ففي الرواية عن الإمام علي والإمام السجاد والإمام
الكاظم عليهم السلام، أن علة رمي الجمرات هي مواجهة نبي الله إبراهيم عليه السلام
الشيطان حينمى أراد أن يذبح ولده إسماعيل عليه السلام[2].
وروي في المصادر السنية عن ابن عباس مرفوعاً قال:
(لما أتى إبراهيم خليل الله عليه السلام المناسك، عرض له الشيطان عند جمرة العقبة،
فرماه بسبع حصيات، حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية، فرماه بسبع
حصيات، حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له في الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ
في الأرض. قال ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم تتبعون)[3]
وقد ذكر أبو حامد الغزالي هذا المعنى عند ذكره لما
يستشعره رامي الجمار؛ فقال: (ثم اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له
إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع
[1]
انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع، محمد بن صالح بن محمد العثيمين، دار ابن
الجوزي، الطبعة: الأولى، 1422 - 1428 هـ (7/269)
[2]
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، العلامة محمد باقر المجلسي،
احياء الكتب الإسلامية، ج 96، ص 39.
[3]
المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري، تحقيق:
مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية –
بيروت، الطبعة: الأولى، 1411 - 1990 (1/ 638)، وقال: (صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه)
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 229