نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 230
ليدخل على حجه شبهة أو يفتنه بمعصية فأمره الله عز
وجل أن يرميه بالحجارة طرداً له وقطعاً لأمله؛ فإن خطر لك أن الشيطان عرض له
وشاهده فلذلك رماه، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان فاعلم أن هذا الخاطر من
الشيطان، وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي، ويخيل إليك أنه فعل لا
فائدة فيه، وأنه يضاهي اللعب؛ فلم تشتغل به فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في
الرمي فيه برغم أنف الشيطان، واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة وفي
الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك
أمر الله سبحانه وتعالى تعظيماً له بمجرد الأمر من غير حظ للنفس والعقل فيه)[1]
وهكذا إذا تركنا هذه الشعائر المتفق على تعظيمها بين
المسلمين جميعا، فإننا نجد في المعالم التاريخية الكثير من الآثار التي تدل على
أحداث تاريخية دينية مهمة، يشكل التعرف عليها والبحث فيها أحسن وسيلة لاستبصار
الحقائق.
ولعل أهمها تلك الفاجعة العظيمة التي حلت بأهل بيت
النبوة عند ثورهم على الظلم والاستبداد، وما حصل لهم من الملاحم والمآسي في
كربلاء، لكن الله شاء أن يخلد ذكرهم الذي أراد الطغاة طمسه؛ فقد ورد في الحديث عن
زينب الكبرى، أنها قالت لابن أخيها وإمامها زين العابدين لمّا رأى مشهد الطفّ يومَ
الحادي عشر من المحرّم قُبيلَ الرحيل من كربلاء، وقد أخذ يجود بنفسه المقدّسة: (ما
لي أراكَ تجودُ بنفسك يا بقيّةَ جَدّي وأبي وإخوتي! فَوَ اللهِ إنّ هذا لَعهدٌ من
الله إلى جَدِّك وأبيك، ولقد أخذ اللهُ ميثاقَ أُناسٍ لا تعرفهم فراعنةُ هذه
الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات، أنّهم يجمعون هذه الأعضاءَ المقطّعة،
والجسومَ المضرَّجة، فيُوارونها، وينصبون بهذا الطفّ عَلَماً لقبر أبيك سيّدِ
الشهداء لا يُدرَس أثرُه ولا يُمحى رسمه على كُرُر الليالي والأيّام،
ولَيَجتهِدَنّ أئمّةُ الكفر وأشياعُ الضَّلال في محوه وتطميسه، فلا يَزداد
[1]
إحياء علوم الدين، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، دار المعرفة – بيروت، (1/ 270).
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 230