نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 236
ولهذا كان رسول الله a يكثر من زيارة جبل أحد، وهو المكان الذي استشهد فيه عمه
وحبيبه حمزة بن عبد المطلب، كما استشهد فيه خيرة الصحابة المنتجبين، وكان a من فرط محبتهم لهم يحب الجبل الذي دفنوا فيه، كما ورد في
الحديث الذي رواه أنس قال: خرجت مع رسول الله a إلى خيبر أخدمه، فلما قدم راجعا وبدا له أحد، قال: (هذا جبل
يحبنا ونحبه)[1]
وفي حديث آخر دعوة للتبرك بما في أشجاره من ثمار، قال
a: (أحد جبل يحبنا ونحبه فإذا جئتموه فكلوا من شجره
ولو من عضاهه)[2]
وفي الحديث أن زينب بنت نبيط زوجة أنس كانت ترسل
ولائدها إلى أحد، ليحضروا لها من نباته، ولو من عضاهه، لأنها سمعت أنسا يذكر
الحديث السابق [3].
وفي كل هذا ردود بليغة على موقف التيار السلفي من
الآثار، فالنبي a لم يكن يحب فقط أولئك الصحابة الذين دفنوا في أحد،
وإنما كان يحب أيضا الجبل الذي كان يأويهم، كما قال الشاعر معبرا عن ذلك:
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا
الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
وليس الأمر قاصرا على تلك الأحاديث، بل ورد في القرآن
الكريم ما يشير إلى هذا المعنى الذي يريد السلفية إزالته من عقائد المسلمين
وسلوكاتهم التي تربطهم بالصالحين، فقد قال تعالى:P وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ
اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا
اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًاO [النساء: 64]
[2]
المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم
الطبراني، المحقق: طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار
الحرمين – القاهرة، (رقم 1905).