نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 33
5 ــ أن الله تعالى قضى في سابق علمه باتخاذ المسجد
على قبر نبيه a مع أنه عند ربه جل وعز أعلى قدراً وأحمى جانباً من
أن يقع بجسده الشريف ما هو محرم مبغض لله تعالى ملعون فاعله، بل هذا من المتيقن
المقطوع ببطلانه لأهل الإيمان، فلو كان اتخاذ المسجد عليه a ممنوعاً متخذه لحمى الله تعالى جانب نبيه a منه، ولصرف العباد عنه كما صرفهم عن غيره، فلما لم يفعل ذلك
دل على أنه جائز ومطلوب، (ومن اعتقد خلاف هذا فهو قرني ممقوت لم يذق للإيمان طعماً
ولا عرف من منزلة النبي a العليا ومكانته السامية
عند ربه شيئاً فهو مدخول العقيدة مختل الإيمان)[1]
6 ــ أن ذلك ما جرى عليه عمل الصحابة، وهو من الأدلة
المعتبرة عند أصحاب الرؤية التكفيرية، ذلك أنهم في سجالاتهم مع المخالفين لهم،
يستدلون بفعل السلف، ويقدمونهم حتى على الأحاديث النبوية نفسها، وبناء على هذا
يمكن اعتبار إجماع الصحابة واتفاقهم بعد الاختلاف في موضع دفنه على دفنه في بيته
عملاً بما أخبرهم به أبو بكر عن النبي a فلو كان ذلك
غير صحيح عن النبي a أو منسوخاً بما ذكره في مرض وفاته مع أن الخبر لا
يدخله النسخ لما أجمع الصحابة عليه، وقد قام الدليل على حجية الإجماع، ولا سيما
إجماع الصحابة[2].
7 ــ إجماع التابعين ومن بعدهم في عهد وجود كبار
أئمتهم مثل عمر بن عبد العزيز والحسن وابن سيرين وفقهاء المدينة والكوفة والبصرة
والشام وغيرها من أقطار الإسلام، ثم أجمعت الأمة بعدهم على إدخال بيته المشتمل على
قبره داخل المسجد وجعله في وسطه، وإجماعهم حجة ولو كان ذلك منهياً عنه لاستحال أن
تتفق الأمة في عصر التابعين على المنكر والاجتماع على الضلالة لولا أنهم فهموا من
النهي أن المراد به علته التي زالت باستقرار الإيمان ورسوخ العقيدة، ولا يقال إنهم
سكتوا على ذلك لأجل ضرورة توسعة المسجد فإنه كان في
[1]
إحياء المقبور من أدلة جواز بناء المساجد والقباب على القبور، ص25.