نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40
حمل النهي على العموم وأدخل فيه القباب والمدارس
والأحواش، لأنها غير داخلة في النهي)[1]
وكمثال على مناقشته العلل مناقشته للعلة المتعلقة
باعتبار البناء من الزينة التي لا تنبغي لأهل الآخرة، وقد ناقشها من وجهين[2]:
أحدهما: أن
البناء على القبر ليس من الزينة في شيء ولا يراد به الزينة، وإنما يراد به حفظ
القبر من الدوس والامتهان واندثار الأثر الذي لا يعرف معه القبر، وإذا قصد به
بعضهم الزينة وفعل به ما هو منها فذاك أمر زائد على البناء، فيكون الحكم متعلقاً
به لا بنفس البناء.
الثاني: أن كون الزينة الدنيوية لا تنبغي لأهل الآخرة
دعوى مجردة عن الدليل فهي باطلة.فإن الشارع أمر بتزيين الميت وتحسين كفنه وتطييبه،
ونص الفقهاء على استحباب تقليم أظافره وإصلاح شعر لحيته ورأسه ونحو ذلك من أمور
الزينة التي لم تطلب للحي إلا في العيدين والجمعة.
8 ــ أن التعليل بخشية عبادة القبر غير صحيح، وذلك
لــ (رسوخ الإيمان في نفوس المؤمنين وتنشئتهم على التوحيد الخالص واعتقاد نفي
الشريك مع الله تعالى، وأنه سبحانه وتعالى المنفرد بالخلق والإيجاد والتدبير
والتصريف لا فاعل غيره ولا مؤثر في ملكه سواه وأن المخلوق الحي لا قدرة له على جلب
منفعة لنفسه ولا دفع مضرة عنها إلا بخلق الله تعالى وإيجاده فضلاً عن الميت
المقبور، وبانتفاء العلة ينتفي الحكم المترتب عليها، وهو كراهة اتخاذ المساجد
والقباب على قبور الأولياء والصالحين، فإن من يتخذها عليهم لا يفعل ذلك لأجل أن يعبدهم
ويتخذ قبورهم مساجد يسجد إليها من دون الله تعالى، أو يجعلها قبلة يصلى إليها، بل
هذا ما سمع في هذه الأمة ولا وجد قط من مسلم يدين بدين الإسلام وإنما قصد بتلك
القباب مجرد الاحترام وتعظيم قبور الصالحين وحفظها من الامتهان والاندراس الذي
ينعدم به الانتفاع بزيارتهم