نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 42
وتحدث الشيخ الغماري عن نفسه في تلك الفترة التي قام فيها الوهابيون بهدم
القباب، فقال: (فأنا زرت قبر حمزة بعد هدم البناء الذي عليه بأزيد من خمس عشرة سنة
ووجدت الحارس قائماً عند قبره يمنع الزوار من القرب من القبر والتمسح به وتقبيله،
ولم يكف مضي خمس عشرة سنة على الهدم في قلع ذلك من النفوس، وهكذا يبقى ذلك ما بقي
الإيمان ومحبة الله تعالى ورسوله ومحبة أوليائه وأصفيائه.والمقصود أن البناء لا
دخل له في تحقيق علة النهي وثبوتها في هذه العصور المتأخرة، بل ذلك قد زال من
البناء وانتقل إلى المحبة والاعتقاد فلم يبق حكم متعلق بالبناء، وكان المتمسك
بظاهر النهي المعرض عن تحقيق علته ومراد الشارع منه مخطئاً في حكمه غير مصيب في
اجتهاده وفهمه)[1]
10 ــ أن القائل بكراهية البناء على القبور تمسك
بالنهي ولم يلتفت إلى ما يعارضه من الأدلة، وذلك مما يوجب الخطأ في الحكم وعدم
الإصابة في الاجتهاد، فإن الجمع بين الدليلين واجب مفترض والإعراض عن أحدهما دون
ثبوت النسخ حرام والحكم باطل، فإن النهي عن البناء ورد ما يعارضه مما هو أقوى منه
ثبوتاً ودلالة فلا يقبل حكم مع الإعراض عنه، وسنورد هذه الأدلة المعارضة في
العنوان التالي.
11 ـ أن معنى النهي عن اتخاذ القبور مساجد هو السجود
لها على وجه تعظيمها وعبادتها، كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان، وهو شرك صريح،
وقد وردت الدلالة على هذا المعنى في تلك الأحاديث نفسها، فقد ثبت في حديث عائشة عن
الشيخين قالت: قال رسول الله a: (لعن
الله اليهود والنصارى اتخذو قبور أنبيائهم مساجد)، ثم علقت على ذلك بقولها: (فلولا
ذلك، أبرزوا قبره)[2]
وقد علق الغماري على ذلك بقوله: (شدد في النهي عن
ذلك، خوف أن يتناهى في