نام کتاب : معاوية في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 22
بل راحوا يضمون
إلى ذلك ما هو أخطر بكثير، وهو اعتباره سيدا وقدوة وصاحب شخصية قوية يمكن للمؤمنين
البسطاء أن يستبدلوا بها شخصية عمار وبلال وأبي ذر وقتادة وغيرهم من كبار
الصحابة.. وكأن تلمذة معاوية القصيرة لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
فاقت تلمذة أولئك السابقين من المهاجرين والأنصار.
وهم يروون
لتأكيد هذا عن ابن عمر قوله: ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم كان أَسْوَدَ من معاوية، قال: قلت: هو كان
أسود من أبي بكر؟ قال: هو - والله - أخير منه، وهو - والله - كان أسود من أبي بكر،
قال: قلت: فهو كان أسود من عمر؟ قال: عمر - والله - كان أخير منه، وهو - والله -
أسود من عمر، قال: قلت: هو كان أسود من عثمان؟ قال - والله - إن كان عثمان لسيدا،
وهو كان أسود منه)[1]
ورروا عن قبيصة
بن جابر الأسدي قوله: ألا أخبركم من صحبت؟ صحبت عمر بن الخطاب فما رأيت رجلاً أفقه
فقهاً ولا أحسن مدارسة منه، ثم صحبت طلحة بن عبيد الله، فما رأيت رجلاً أعطى
للجزيل من غير مسألة منه ؛ ثم صحبت معاوية فما رأيت رجلاً أحب رفيقاً، ولا أشبه
سريرة بعلانية منه)[2]
ورووا عنه قوله:
(ما رأيت أحداً أعظم حلماً ولا أكثر سؤدداً ولا أبعد أناة ولا ألين مخرجاً ولا
أرحب باعاً بالمعروف من معاوية)[3]
ولست أدري كيف
صار معاوية بهذه الأخلاق العالية، والسيادة الرفيعة التي سبق فيها ـ حسب تصورهم ـ
السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وهو لم يتتلمذ يوما واحدا على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. بل كان من ألد أعدائه هو وأسرته جميعا منذ صباه
الباكر.