ولو أن هؤلاء
جميعا تخلوا عن كبريائهم، وراحوا يبحثون في القرآن الكريم عن كيفية طلب الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام للولد، وهل كان ذلك بالطريقة التي وردت في هذا الحديث، أم
أنهم كانوا متواضعين جدا أمام ربهم سبحانه وتعالى، يعلمون أن الولد وغير الولد هبة
من الله لا يمكن لأحد أن يزعم أنه من دون الله يمكن أن ينال هذه الهبة العظيمة.
لو رجعوا إلى
القرآن الكريم لوجدوا إبراهيم u، وبعد تلك المعاناة الشديدة التي واجهه بها
قومه، وبعد بلوغه من الكبر عتيا، يتوجه إلى الله بحياء عظيم يطلب منه أن يرزقه من
الصالحين.. ولم يحدد لا عددا ولا نوعا.. يكفي فقط أن يكون من الصالحين، كما قال
تعالى: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ
لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات:
99 - 101]
وهكذا لو رجعوا
إلى القرآن الكريم لوجدوا زكريا u يقف نفس موقف جده إبراهيم u، يطلب من الله الولد بتواضع وحياء عظيم، قال تعالى: ﴿هُنَالِكَ
دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً
طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى
مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ
الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 38، 39]
بل إن القرآن
الكريم يشير إلى احترام أنبياء الله لسنن الله في الولد كاحترامهم لغيرهم من
السنن، ولذلك لما بشرت الملائكة زكريا u أجابهم: ﴿رَبِّ
أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾
[آل عمران: 40]