نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 194
ففعلوا ذلك به،
فقال للأرض: أدِّي ما أخذتِ، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملكَ على ما صنعتَ؟ فقال:
خشيتُك يا رب - أو قال: مخافتك - فغفر له بذلك)[1]
وهذا الحديث أكثر من الذي سبقه مناقضة
لموازين العدالة الإلهية، فالرجل كما ورد في الحديث أسرف على نفسه، أي أذنب الذنوب
الكثيرة، ثم عندما مات كان يعتقد في عجز الله.. فمشكلته ليست فقط في السلوك، وإنما
في الاعتقاد أيضا.
ومع ذلك كله عطل الحديث كل موازين
العدالة الإلهية، وأخبر أنه غفر له من غير أن يحاسب على كل ذنوبه المتعدية
والقاصرة.. بل من غير حاجة لأي شفعاء يشفعون له.
وهذا الحديث من أحاديث الإرجاء الكثيرة
التي صورت بساطة الأمر في الآخرة، وأنه يكفي مجرد الخشية أو الإيمان من غير سلوك..
وهو ما أشاعته الفئة الباغية، ومن تبعها، ولهذا يستدلون بخواتم أولئك الذين ملأوا
الأرض خرابا، وسفكوا الدماء، ليصوروا أن نهايتهم كانت طيبة، وأنه غفر لهم.
وفي مقابل ذلك نجد أبا هريرة نفسه يصور
أن الله تعالى أدخل النار ناسا مارسوا الكثير من الأعمال الصالحة، مع عدم الإخلاص
فيها من غير أن يزن أعمالهم.. ومن غير أن يعاملهم بمثل ما عامل به المسرف على
نفسه، وكأن المسرف على نفسه كان مخلصا في إسرافه.
والحديث هو ما
رواه عن رسول الله a أنه قال: (أن الله تعالى إذا كان يوم القيامة،
وأتى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، قال: فأول من يدعى رجل جمع القرآن، ورجل
قاتل في سبيل الله سبحانه وتعالى، ورجل كثير المال، فيقول الله عز وجل للقارئ: ألم
[1] رواه أحمد
(2/269، رقم 7635)، والبخارى (3/1283، رقم 3294)، ومسلم (4/2110، رقم 2756).
وأخرجه أيضًا: ابن ماجه (2/1421، رقم 4255)
نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 194