نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 226
وبهذه
الاستنباطات العجيبة لم يبق الأمر محصورا في الذباب، بل شمل كل الحشرات، كالزنبور
والعنكبوت وغيرهما كما يذكر ابن القيم.
وكما وقف
المتأخرون من المتنورين بشدة بسبب الحديث، فكذلك فعل المتقدمون، وقد قال ابن حجر في هذا:: (وقال الخطابى: تكلم على
هذا الحديث من لا خلاق له فقال كيف يجتمع الشفاء والداء فى جناحى الذباب؟ وكيف
يعلم ذلك من نفسه حتى يقدم جناح الداء، ويؤخر جناح الشفاء، وما ألجأه إلى ذلك؟ قلت:
وهذا سؤال جاهل، أو متجاهل، فإن كثيراً من الحيوان قد جمع الصفات المتضادة، وقد
ألف الله بينها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان.. وقال ابن الجوزى: ما
نقل عن هذا القائل ليس بعجيب، فإن النحلة تعسل من أعلاها، وتلقى السم من أسفلها، والحية
القاتل سمها تدخل لحومها فى الترياق الذى يعالج به السم، والذبابة تسحق مع الإثمد
لجلاء البصر)[1]
وهكذا حشر
الفقهاء والمحدثون أنفسهم في هذه العلوم الخطيرة التي تتوقف عليها حياة الناس، بل
أتاحوا لهم أن يجتهدوا ويقيسوا ويستحسنوا كما يشاءون من غير الرجوع إلى المختصين
من العلماء.
وخير من هذا
الموقف الذي وقفه هؤلاء ما ذكره بعضهم بإيمان عجيب، وكأنه بين يدي آية قرآنية،
أوحديث متواتر، فقد قال مخاطبا المتوقفين في صحة الحديث: (هل يتوقف إيماننا بصدق
كل حديث ورد فيه أمر طبى عن النبى a حتى يكشف لنا الأطباء بتجاربهم صدقة أو بطلانه؟ وأين
إيماننا إذن بصدق نبوة رسول الله e، ووحى الله إليه؟! إن
حديث رسول الله r، برهان قائم بنفسه
لا يحتاج إلى دعم خارج عنه، فعلى الأطباء
[1] انظر: فتح البارى 10/263 رقم 5782 وانظر: معالم السنن 5/341-342، وتأويل
مختلف الحديث ص 210، 212.
نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 226