وهكذا
ورد في الآثار الكثيرة عن موقف الأنبياء عليهم السلام من الدنيا([108])..
ومن أمثلتها قول المسيح عليه السلام: (لا تتّخذوا الدّنيا ربّا فتتّخذكم الدّنيا
عبيدا، اكنزوا كنزكم عند من لا يضيّعه لكم؛ فإن صاحب كنز الدّنيا يخاف عليه الآفة
وصاحب كنز الله لا يخاف عليه الآفة)
و قال:
(يا معشر الحواريّين إني قد كببت لكم الدّنيا على وجهها فلا تنعشوها بعدي؛ فإن من
خبث الدّنيا أن عصي الله فيها، وإن من خبث الدّنيا أن الآخرة لا تدرك إلّا بتركها،
ألا فاعبروا الدّنيا ولا تعمروها، واعلموا أن أصل كلّ خطيئة حبّ الدّنيا، وربّ
شهوة ساعة أورثت أهلها حزنا طويلا)
و قال:
(الدّنيا طالبة ومطلوبة، فطالب الآخرة تطلبه الدّنيا حتى يستكمل فيها رزقه، وطالب
الدّنيا تطلبه الآخرة حتّى يجيء الموت فيأخذ بعنقه)
و قال:
(لا يستقيم حبّ الدّنيا والآخرة في قلب مؤمن كما لا يستقيم الماء والنار في إناء
واحد)
و قال:
(يا معشر الحواريّين ارضوا بدنيّ الدّنيا مع سلامة الدّين كما رضي أهل الدّنيا
بدنيّ الدّين مع سلامة الدّنيا)
[108] انظر هذه
الآثار وغيرها في: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج5، ص: 355، فما بعدها، وقد
انتقينا ما رأيناه متناسبا مع الحقائق القرآنية، وأعرضنا عما رأيناه متنافيا معها،
ومن أمثلتها ما روي عن المسيح عليه السلام ـ وهو غير صحيح ـ أنه قال: (بطحت لكم
الدّنيا، وجلستم على ظهرها؛ فلا ينازعنّكم فيها الملوك والنساء، فأمّا الملوك فلا
تنازعوهم في الدّنيا فإنّهم لن يتعرّضوا لكم ما تركتموهم ودنياهم، وأمّا النساء
فاتّقوهنّ بالصوم والصلاة)، فقد رأينا أن الشق المرتبط بالملوك لا يتناسب مع ما
ورد في النصوص المقدسة من الحاكمية الإلهية والدعوة الإلهية، ولو بمواجهة السلاطين
الظلمة.
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 111