نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 122
أول علاج لحب المال ـ أيها المريد
الصادق ـ علمك أنه فتنة واختبار إلهي لحقيقتك، وتساميها أو تثاقلها؛ فهو ليس نعمة
محضة للتلذذ المجرد، مثلما هو حال الزهرة الجميلة، التي يمكنك أن تحبها لرائحتها
الطيبة، أو تتلذذ بقسماتها البهية، من غير أن يؤثر ذلك الحب فيك، وبأي وجه من
الوجوه.. فتلك الزهرة جمال محض لا علاقة له بالتكليف، ولا بالفتنة.
لكن حب المال مختلف؛ ذلك أن
الاستغراق فيه قد يجعلك كذلك السكران الثمل الذي لا يرضى ولا يسكن إلا إذا شرب من
الكأس التي لا تزيده إلا سكرا وثمالة.
وهكذا حب المال؛ فهو إذا تحول إلى
شراب مسكر، جعل من صاحبه مجرد خادم له، يفرّط في كل شيء من أجل كسبه، ويضيع كل شيء
من أجل حفظه والتقتير به، ثم يجعله بعد ذلك كله أسيرا لهواه، مشغولا به عن حقائق
الوجود، حيث يتحول الكون عنده بسعته إلى مجرد دنانير ودراهم وكنوز.. ينشغل بها عن
حياته وحقيقته والوظائف التي كلف بها.
وبذلك يصبح عبدا من عبيده، بدل أن
يكون سيدا عليه، يستخدمه فيما يحتاجه.. ولهذا قال رسول الله a: (تعس عبد الدينار تعس عبد
الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش) ([124])
وبناء
على هذه المعاني يذكر القرآن الكريم حقيقة المال، وكونه اختبارا وفتنة إلهية
للتفريق بين من يستخدمونه، ومن يستخدمهم، أو بين عبيده وبين عبيد الله.. يقول الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنمَا أَمْوَالُكُمْ
وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَن الله عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال:
28]
ولهذا
كان من ضرورات هذا الابتلاء أن يتعلق باسمي الله تعالى [المعطي المانع]؛ فالله هو
الذي يعطي هذا المال، لا تكريما، ويمنعه لا إهانة، وإنما يفعل ذلك كله للاختبار
والتمحيص.