نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 184
الكبيرة، والذي يسرق البيضة يوشك
أن يسرق جملا، والذي يشرب كأسا من الحرام يوشك أن يصبح مدمنا..
والعقل يدل عليها.. ذلك أن كل
المعاصي مبنية على الهوى والشهوة، وهما لا قرار لهما، فمن بدأ بالصغير يوشك أن
تطالبه نفسه بالمزيد إلى أن يصل إلى الكبير.
ومما يروى في الحكايات أن بعض
الصالحين كان يمشي في الوحل جامعا ثيابه محترزا، لكن رجله زلقت، وسقط، واتسخت
ثيابه، فقام يمشي وسط الوحل، ويبكي، ويقول: (هذا مثل العبد لا يزال يتوقى الذنوب
ويجانبها حتى يقع في ذنب أو ذنبين، فعندها يخوض في الذنوب جميعا)
وقد صاغ ذلك بعضهم شعرا، فقال:
خلّ الذنوب صغيرها
***
***
وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماشٍ فوق
***
***
أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرنّ صغيرة
***
***
إن الجبال من الحصى
بل روي في الحديث ما
يشير إلى هذا المعنى، فقد روي أن رسول
الله a نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه:
ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول الله، نحن بأرض قرعاء، ما بها من حطب! قال: فليأتِ
كلّ إنسان بما قدر عليه؛ فجاؤوا به حتَّى رموا بين يديه بعضه على بعضه، فقال رسول
الله a: (هكذا تجتمع الذّنوب)، ثم
قال: (إيّاكم والمحقّرات من الذّنوب؛ فإنّ لكل شيء طالباً، ألا وإنّ طالبها يكتب ﴿مَا
قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾
[يس: 12])([224])
ولهذا لم يصف الله تعالى الصالحين
من العباد بالعصمة المطلقة من الذنوب، وإنما