نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 191
17]، فأسرع بالتوبة، قبل أن تتجذر
في نفسك، وتتمكن منها، فيصعب عليك بعدها قلعها، مثل أولئك الذين أشارت إليهم الآية
التالية، قال تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ
الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: 18]
ولا تلتفت ـ أيها المريد الصادق ـ
لمن يزين لك المعصية، بحجة التوبة بعدها، فما أدراك أنك يمكن أن توفق للتوبة، فهي
فضل إلهي، ولا يمكن أن تقدم عليه ما لم يكن هناك إذن إلهي مسبق قال تعالى: ﴿وَعَلَى
الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ
بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ
مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118]
وأول من يصرف على التوبة أولئك المصرين
المعاندين المستهينين بالمعصية المحتقرين لها.. ذلك أنهم لم يراعوا جناب الحق، ولم
يستحيوا منه.. ومن رفع عنه الحياء عند ممارسة المعصية، صعبت عليهم التوبة.
واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن
التوبة ليست لقلقة اللسان بالاستغفار، فهو وحده لا يجدي، بل إنه قد يحتاج هو نفسه
إلى استغفار.
واعلم أن الله تعالى قد يضعك بين
قوم مسرفين على أنفسهم، فتتوهم أنك من المحسنين، فلا تفعل هذا، فهو من الغرور
الكاذب، وقد قال بعض الحكماء في ذلك: (ربّما كنت مسيئا فأراك الإحسان منك صحبتك
إلى من هو أسوأ حالا منك)
ولذلك احرص على صحبة الصالحين،
والأخذ من هديهم لتهذب نفسك وترقيها، وحتى لا تكون من أولئك الذين قالوا ندما: ﴿يَا
لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ
أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ
جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 191