وإن أردت مثالا مقربا لهذا، فانظر
إلى تعاملك مع الأطباء الذين يعالجون جسدك، فإن نصحك بعضهم بترك طعام معين، لتأمن
على صحتك، وذكر لك آخر عدم أهمية ذلك.. فلأيهما تميل، أليس لذلك الذي دعاك إلى
الاحتياط؟.. خاصة وأنه لا ضرر عليك فيه.. ذلك أن تركك لطعام واحد، للحفاظ على صحتك
خير من العبث بهذا لأجل شيء غير متيقن.
وهكذا افعل مع المعاصي.. فاحذر
منها جميعا.. فبعضها يؤدي إلى بعض.. وهي جميعا تؤدي إلى الكفر.. فقد قالوا: (المعاصي
بريد الكفر)
وقد أشار رسول الله a إلى هذا، فقال: (لا يزني
الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن) ([232])
وأشار إلى سره، وسببه، فقال: (إن
العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد
زادت، فذلك قول اللّه تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا
كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾)([233])
وإن رأيت اختلاف العلماء في
مسألة، بين التحريم والإباحة، أو بين الفريضة والنافلة، ولم يكن لديك القدرة على
الاجتهاد والتحقيق، ولم يكن لك إمام أو مرجع ترجع إليه، فإياك أن تتبع الهوى،
وتسرع إلى الرخصة، بل خذ بالأحوط لدينك.
ولا تغفل أن تتأمل كل حين في قوله
تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ
بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: