وكل هذا علاج للآثام قبل أن تتحول
إلى معاص متعدية يصعب الفكاك منها.. ولهذا يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ اعتبار
الآثام مرحلة من مراحل العدوان، والمسارعة في علاجها لا تحفظ الفرد فقط، وإنما
تحفظ المجتمع أيضا.
ولذلك كان جرم أولئك المرجئة
المهونين من الآثام خطيرا، ذلك أنهم يوفرون البيئة الحاضنة لكل الجرائم.. فالجريمة
لا تبدأ من الخارج، وإنما تبدأ من النفس.. والخارج صدى الداخل.. ومن امتلأ بالصراع
في داخله، فسيملأ بالصراع كل ما يحيط به شعر أو لم يشعر.
ولهذا ورد في النصوص المقدسة بيان
العقوبات الشديدة التي ينالها تاركو الصلاة مع كونها في الظاهر إثما خاصا، وليست
عدوانا.. لكن آثار تركها يمكن أن تملأ العالم كله بالخراب.
ولهذا ورد في الحديث الإخبار بأن (أول
ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت
فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع،
فيكمل به ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك) ([251])
بل إن القرآن الكريم يشير إلى
ذلك، بل يكاد يصرح به، قال الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ
الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ
اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ (العنكبوت:45)
[251]
رواه أبو داود (864)، والترمذي (413)، والنسائي (1/ 232)، وابن ماجه (1425)
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 212